الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: المدونة ***
قلت أرأيت أرض الخراج مثل أرض مصر إذا زرعها الرجل فغرقت أو عطشت أيكون للسلطان أن يأخذ منه الخراج أم لا؟ في قول مالك قال سألت مالكا عن الرجل يتكارى الأرض فتعطش فلا يتم زرعها أو تغرق فيمنعه الماء من العمل قال فلا كراء لصاحبها فكذلك أرض مصر عندي إنما هو كراء من السلطان فإن جاء غرق أو عطش لم أر على من زرع كراء قال سحنون إذا لم يتم الزرع من العطش. قلت فأرض الصلح التي صالحوا عليها إذا زرعوها فعطش زرعهم أترى عليهم خراج أرضهم؟ قال نعم وقال غيره إذا كان الصلح وضيعة عليهم وأما إن كان الصلح على أن على الأرض خراجا معروفا فلا شيء عليهم. قلت أرأيت إن استأجرت أرضا عشر سنين أيكون لي أن أغرس فيها الشجر قال لم أسمع من مالك فيها شيئا ولكن إن كانت الأرض التي تكاراها إنما هي أرض زرع فأراد أن يغرسها شجرا فإن كان الشجر أضر بالأرض منع من ذلك وإن لم يكن الشجر أضر بالأرض لم يمنع من ذلك لأن مالكا قال في الرجل يتكارى البعير ليحمل عليه الحمل من الصوف أو البز أو الكتان فيريد أن يحمل عليه غير ذلك من الحمولة قال مالك إن كان حمل عليه ما ليس هو أضر من الذي اكترى البعير له لم يمنع من ذلك فإن حمل عليه ما هو أضر به وإن كان في مثل وزنه لم يكن ذلك له وكذلك الأرض عندي... قلت: أرأيت إن استأجرت أرضا سنين مسماة فغرست فيها شجرا فانقضت السنون وفيها شجري فاكتريتها كراء مستقبلا سنين أيضا أيجوز هذا في قول مالك ? قال قال مالك: نعم لا بأس بذلك قلت: أرأيت إن استأجرت أرضا سنين فأكريتها من غيري فغرس فيها شجرا فانقضت السنون وفيها غرسه فاكتريتها أنا من ربها سنين مستقبلة أيجوز هذا ? قال: نعم قلت: أتحفظه عن مالك ? قال: لا قلت: فكيف أصنع فيما بيني وبين هذا الآخر الذي فيها غرسه ? قال: يقال لرب الغرس: ارض هذا الذي اكترى الأرض أو اقلع غرسك وهذا رأيي وقال غيره: ليس بمستقيم حتى يتعامل رب الأرض ورب الغرس على ما يجوز بينهما ثم تكري أرضه إلا أن يكريه الأرض على أن يقلع عنه الشجر قال سحنون وبه نقول. قلت أرأيت إن كان موضع الغرس زرع أخضر؟ قال لا يشبه الزرع الشجر لأن الزرع إذا انقضت الإجارة لم يكن لرب الأرض أن يقلع الزرع وإنما يكون له كراء أرضه وفي الشجر لرب الأرض أن يقلع الشجر فإذا كان فيها زرع بحال ما وصفت فانقضت الإجارة لم يكن لرب الأرض أن يكريها ما دام زرع هذا فيها لأن الأرض قد لزمت هذا الذي زرعه فيها بكرائها إلا أن يكريها إلى تمام الزرع فلا بأس بذلك قال سحنون إذا كانت الأرض مأمونة. قلت أرأيت إن انقضت السنون وفي الأرض زرع لم يبد صلاحه للذي اكترى الأرض فأراد رب الأرض أن يشتري الزرع؟ قال لا يحل هذا. قلت ما فرق بين هذا وبين الذي اشترى الأرض وفيها زرع لم يبد صلاحه فاشترى الأرض والزرع جميعا لم جوزت هذا قال هذا سنته ولأن الملك في هذا ملك واحد. قلت والأرض إذا بيعت بأصلها وفيها زرع لم يبد صلاحه فبيعت بزرعها قال فهي بمنزلة النخل إذا بيعت وفيها ثمر لم يبد صلاحه. قلت فالذي يبيع الأرض وفيها زرع لم يبد صلاحه لمن الزرع قال للزارع إلا أن يشترطه مشتري الأرض. قلت وهذا يفارق النخل إذا لم تؤبر؟ قال نعم لأن النخل إذا لم تؤبر فثمرتها للمشتري وإن لم يشترطها وهذه السنة عندنا. وقال غيره وهو مذهب عبد الرحمن وكذلك الأرض المزروعة إذا لم ينبت زرعها كانت مثل النخل التي لم تؤبر وإذا نبت الزرع كانت مثل النخل المأبور سبيلهما واحد وسنتهما واحدة. قلت أرأيت إن انقضت السنون وفيها غرس هذا المكتري فقال رب الأرض أنا أصالحك على أن أترك شجرك في أرضي عشر سنين أخرى على أن يكون لي نصف الشجر ولك نصف الشجر؟ قال لا يجوز هذا. قلت لم قال لأنه أكراه هذه الأرض بنصف هذه الشجر على أن يقبض ذلك بعد مضي عشر سنين فإنه لا خير في هذا لأنه لا يدري أيسلم الشجر إلى ذلك الأجل أم لا؟ قلت وهذا قول مالك قال هذا رأيي. قلت أرأيت إن أعطاه نصف الشجر الساعة على أن يقر النصف الآخر للمتكاري؟ قال لا بأس بهذا. وقال غيره لا خير فيه لأنه فسخ دين في دين. قلت أرأيت إن اكتريت أرضا من رجل عشر سنين على أن يغرسها المتكاري شجرا وسمينا الشجر على أن الثمرة للغارس هذه العشر سنين فإذا انقضت كانت الشجر لرب الأرض أيجوز هذا في قول مالك قال قال مالك لا يجوز هذا عند مالك لأنه إنما أكراها بالشجر ولا يدري أيسلم الشجر إلى ذلك الأجل أم لا؟ ولا يدري بما أكرى أرضه وما يسلم منها مما لا يسلم. وقال غيره يدخله بيع الثمر قبل أن يبدو صلاحه ويدخله أيضا كراء الأرض بالثمر. قلت أرأيت إن استأجرت أرضا لأزرعها كل سنة بمائة دينار أيجوز هذا الكراء في قول مالك؟ قال نعم. قلت أفيكون لكل واحد منهما أن يخرج متى شاء ويترك الأرض؟ قال نعم ما لم يزرع فإن زرع فليس لواحد منهما أن يترك وكراء تلك السنة له لازم ويترك ما بعد ذلك إن شاء. قلت وهذا قول مالك؟ قال نعم. قلت فإن زرع المتكاري الأرض فقال له رب الأرض اخرج عني وذلك حين زرع زرعه قال أما إذا زرع فليس له أن يخرجه حتى يرفع زرعه وإن لم يكن زرع فإن أراد رب الأرض أن يخرجه فله ذلك. قلت فإن أراد المتكاري أن يخرج وقد زرع الأرض وقد مضت أيام الحرث فقال أنا أقلع زرعي وأخرج وخذ من الكراء بحساب ما شغلت أرضك عنك. قال ليس ذلك له وقد لزمه كراء تلك السنة لأنه حين زرع فقد رضي بأخذ الأرض سنته. قلت فإن كان ذلك في أبان الحرث فقال الزارع أنا أقلع زرعي وأخلي لك أرضك وأنت تقدر على زراعتها. ؟ قال نعم لا يكون له ذلك وقد لزمه كراء السنة ومما يبين لك ذلك انه إذا زرع فأراد رب الأرض أن يخرجه فليس لرب الأرض ذلك لأنه إذا لم يكن لأحدهما أن يخرج صاحبه فليس للآخر أن يخرج. قلت أرأيت إن تكاريت منك أرضك هذه السنة المستقبلة ولك فيها زرع أيجوز هذا الكراء أم لا؟ في قول مالك قال ذلك جائز إذا كانت الأرض مأمونة مثل أرض مصر فذلك جائز والنقد فيها جائز وذلك لأنها مأمونة وليست بمنزلة الحيوان التي يخاف موتها وإن كانت غير مأمونة فالكراء جائز ولا يصلح اشتراط النقد فيها. وقال سحنون وقال غيره لا يجوز في غير المأمونة كراء إلا قرب الحرث وإن كان بغير نقد لأن ذلك يدخل على رب الأرض فيما أوجب من الكراء أن لا ينتفع بماله فيما يريد من بيعه وتصريفه بما يجوز لذي الملك في ملكه في غير مدخل يكون للمكتري ينتفع به فهذا موضع الضرر ولا خير في الضرر وكذلك هذا الأصل في كل ما يكترى وإن لم ينقد فيه الكراء إذا كان لا يقبض إلا بعد طول مما يخاف عليه مثل العبد بعينه والدابة بعينها وكل ما هو مخوف. قلت وكذلك لو كنت قد اكتريتها من رجل فزرع فيها زرعه أو لم يزرع ثم اكتريتها السنة المستقبلة من رجل غيره. قال ذلك جائز بحال ما وصفت لك إلا أن تكون من الأرضين التي إنما حياتها بالآبار أو بالعيون المخوفة غير المأمونة فلا خير في النقد في هذا لأنه لا يدري أتسلم العيون إلى ذلك الأجل والآبار لأنها مثل الحيوان فيما إن كانت الآبار والعيون مأمونة فلا بأس بالنقد فيها وقال مالك لا بأس بكراء الدور تقبض إلى سنة والنقد فيها لأنها مأمونة فإن بعد الأجل لم يكن بالكراء بأس ولا أحب النقد فيها. قال سحنون وقد وصفنا ما كره من طول مثل هذا وشبهه وإن لم ينقد الكراء. قال ابن القاسم فالبئر والعيون بمنزلة هذا إذا لم تكن مأمونة أو كانت مأمونة إلى ذلك الأجل لبعده ولا خير فيه في غير ذلك من العروض والحيوان أن يشتريه الرجل إلى أجل ويشترط أخذه مع النقد لأن هذا بيع العروض بأعينها إلى أجل وهي غير مأمونة فهذا إنما اشترى هذه السلعة بذلك الثمن على أن يضمن له البائع هذه السلعة إلى ذلك الأجل فلا خير في ذلك فكراء الدار إن انهدمت الدار لم يضمنها مكتريها. قلت والسلعة أيضا إن هلكت لم يضمنها أيضا مشتريها قال إنما أجيز هذا في الدور لأنها مأمونة ولا تشبه غيرها من العروض. السنة قلت أرأيت الرجل يتكارى الأرض سنته هذه ثم يحصد زرعه منها قبل مضي السنة لمن تكون الأرض بقية السنة قال لم أسمع من مالك فيه شيئا ولكن هذا عندي مختلف والأرض إذا كانت على السقي التي تكرى على الشهور والسنين التي يعمل فيها الشتاء والصيف فهي للمتكاري حتى تتم السنة وإذا كانت أرض المطر أو ما أشبهها مما هي للزرع خاصة إنما محمل ذلك عند الناس إنما منتهى سنته رفع زرعه منها فعلى هذا يحمل ويعمل فيه. قلت أرأيت هذا الذي تكارى الأرض من أرض السقي سنة فمضت السنة وفيها زرع أخضر لم يبد صلاحه فقال له رب الأرض اقلع زرعك عني أو كان فيها بقل فقال له رب الأرض اقلع بقلك عني فقال قال مالك لا يقلع ولكن يترك زرعه وبقله حتى يتم ويكون لرب الأرض مثل كراء أرضه. قلت على حساب ما أكراه أم كراء مثلها في المستقبل قال قال مالك له كراء مثلها على حساب ما كان أكراها منه. وقال غيره لم يكن للمتكاري إذا لم يبق له من شهوره ما يتم له زرعه أن يزرع فإذا زرع فقد تعدى فيما تقى من زرعه بعد تمام أجله فعليه كراء مثل الأرض فيما زاد إلا أن يكون ذلك أقل مما يكون عليه على حساب ما كان اكراها منه فيكون عليه الأكثر لأنه رض إذا عملها على حساب ما كان اكتراها وليس في يديه ذلك من ربها فيبلغ لربها الأكثر من ذلك. قلت أرأيت إن استأجرت أرضا لأزرعها شعيرا فزرعتها حنطة قال ما سمعت من مالك فيه شيئا ولكن إن كانت الحنطة أضر بالأرض فليس له ذلك لأن صاحبها يريد أن يحميها. قلت فإن أردت أن أزرعها غير الشعير وإنما تكاريتها للشعير والذي أريد أن أزرعه فيها مضرته ومضرة الشعير سواء هل يجوز ذلك؟ قال نعم ذلك جائز إذا كان الذي يزرعه فيها مضرته بالأرض مثل مضرة الشعير أو أقل فليس لرب الأرض أن يمنعه من ذلك. قلت أرأيت إن اكتريت أرضا من رجل فاختلفنا في مدة الكراء وفي كراء الأرض قال رب الأرض أكريتك خمس سنين بمائة دينار وقلت أنا بل اكتريتها عشر سنين بخمسين دينارا. قال الذي سمعت أنه إن كان ذلك بحضرة ما تكاراها تحالفا وفسخ الكراء بينهما فإن كان قد زرعها سنة أو سنين ولم ينقد الكراء أعطي رب الأرض كراء السنين التي زرعها المتكاري على حساب ما أقر له به من كراء الأرض على عشر سنين بخمسين دينارا ويحلف إذا كان ذلك يشبه ما يتكارى به الناس فإن لم يشبه ذلك كراء الناس فيما يتغابنون به وكان الذي قال صاحب الأرض يشبه فالقول قول رب الأرض مع يمينه وإن لم يكن ذلك يشبه أيضا حملا في تلك السنين التي عمل فيها المتكاري على كراء مثلها ويفسخ عنه ما بقي من السنين وإنما فسخ عنه كراء ما بقي من السنين التي أقر بها رب الأرض لأن المتكاري ادعاها بأقل مما أقر به رب الأرض وإنما صدق رب الأرض حين قال لم أكرك إلا خمس سنين لأن الرجل لو أكترى دابه إلى بلد فقال صاحبها إنما أكريتها إلى المدينة وقال المتكاري بل إلى مكة. كان القول قول صاحب الدابة في الغاية وكذلك قال لي مالك فهذه السنون القول فيها قول رب الأرض مثل ما جعل مالك القول في غاية المسير في الكراء قول رب الدابة لأن الرجل لو اكرى منزله من رجل فقال صاحب الدار إنما اكتريتها سنة وقال المتكاري بل سنتين. كان القول في السنة قول صاحب الدار مع يمينه وقد بلغني هذا القول في الدور عن مالك في الاختلاف في الغاية والكراء وهذا إذا لم يكن نقد. وقال غيره وإذا كان نقد فالقول قول المكري مع يمينه إذا كان يشبه ما قال فإن لم يشبه ما قال وأشبه ذلك ما قال المكتري كان القول قول المكتري فيما سكن على حساب ما أقر به ويرجع ببقية المال على المكري بعد يمينه على ما ادعى عليه ويمين المكتري فيما ادعى عليه من طول المدة وإن لم يشبه ما قال واحد منهما حلفا جميعا وكان على المكتري قيمة ما سكن وإن أشبه ما قالا جميعا فالقول قول رب الدار المنتقد بعد يمينه على ما ادعى عليه ولم يكن للمكتري أن يسكن إلا ما أقر به المكري. قال سحنون وقد ذكر بن وهب أكثر هذا إذا انتقد عن مالك وهذا أصل فرد إليه كل ما خالفه في الأكرية أكرية الرواحل والعبيد والدور والأرضين وغير ذلك. قلت أرأيت إن زرعت أرضا فقال رب الأرض لم آذن لك أن تزرع أرضي ولم أكركها وادعيت أنا أنه أكراني قال القول قول رب الأرض مع يمينه إلا أن يكون رب الأرض قد علم به حين زرع أرضه فلم يغير عليه وهذا رأيي. قلت فإن لم يعلم به رب الأرض وقد مضت أيام الزراعة قال يكون له أجر مثل أرضه ولا يقلع زرعه لأن أيام الزراعة قد مضت فإن كان قد علم رب الأرض بأن الزارع قد زرع في أرضه تقوم عليه بذلك البينة أو يأبى اليمين إذا لم يكن عليه بينة ويدعي صاحبه عليه الكراء فيحلف صاحبه فإنه يكون لرب الأرض في هذا الوجه الكراء الذي أقر به المتكاري إلا أن يأتي المتكاري بأمر لا يشبه ولا يكون له في هذا الوجه إذا علم مثل كراء أرضه إنما له ما أقر به المتكاري إذا أتى بأمر يشبه فيكون القول فيه كما وصفت لك. سحنون وقال غيره له مثل كراء أرضه علم به أو لم يعلم به بعد يمينه على ما ادعى المكتري إلا أن يكون ما أقر به المكتري أكثر فإن شاء رب الأرض أخذه. قلت أرأيت إذا كان ذلك في أبان الزراعة ولم يعلم رب الأرض بذلك ولم تقم للزارع بينة أن رب الأرض علم بذلك أو أكراه الأرض وحلف رب الأرض أنه لم يكره ولم يعلم بما صنع هذا الزارع في أرضه فقال رب الأرض بالخيار إن أخذ منه الكراء الذي أقر له به وقال غيره أو كراء مثل أرضه. قال ابن القاسم فإن أبى كان له أن يأمر الزارع أن يقلع زرعه إلا أن يتراضيا على أمر حلال فينفذ بينهما. قلت أرأيت إن قال هذا الذي قضيت عليه بقلع زرعه لا أقلع الزرع وأنا أتركه لرب الأرض أيجوز ذلك في قول مالك أم لا؟ قال لم أسمع من مالك فيه شيئا وأراه جائزا إذا رضي به رب الأرض. قال ابن القاسم وإذا لم يكن للزارع في قلعه منفعة لم يكن للزارع أن يقلعه ويترك لرب الأرض إلا أن يأبى رب الأرض أن يقبله فيأمر الزارع بقلعه. قلت أرأيت إن أكريت أرضا من رجل فقبضها مني أيجب لي الكراء حين قبضها أم إذا زرعها أم حين يرفع زرعه منها قال إن كان لأهل البلد سنة في كراء الأرض حملوا على ذلك وإلا نظر فإن كانت الأرض مما تزرع مرة واحدة وقد رويت مثل أرض مصر التي إنما ريها من النيل وليس تحتاج إلى المطر فإذا قبض الأرض وقد رويت لزمه نقد الكراء فإن كانت مثل الأرضين التي تحتاج إلى السقي ولا يتم الزرع إلا بالسقي بعد ما يزرع أو من أرض المطر التي لا يتم زرعها إلا بالمطر فيما يستقبل بعد ما زرع لم ينقده الكراء إلا بعد تمام ذلك. وقال غيره إذا كانت من أرض السقي وكان السقي مأمونا وجب له كراؤه نقدا. قال ابن القاسم فإن كانت أرضا تزرع بطونا مثل القضب والبقول وما أشبهه أعطاه كل ما سلم بطن منها بقدر ذلك. وقال غيره يعطيه ما ينوب البطن الأول نقدا. قال ابن القاسم وإنما خالف كراء الأرض التي تسقى من ماء العيون والآبار والمطر كراء الدور والإبل لأن الدور والإبل إذا تشاحوا في النقد ولم يشترطوا ولم تكن لهم سنة يحملون عليها فإنما يعطيه من الكراء بقدر ما سكن في الدار أو سار من الطريق على الإبل لأنه لو انهدمت الدار أو ماتت الإبل كان المتكاري قد أخذ بعض كرائه فإن الأرض التي تسقى إن انقطع ماؤها أو احتبست عنها السماء فهلك زرع المتكاري لم يكن قابضا لشيء مما اكترى من الأرض ولم يكن عليه شيء من الكراء فمن ها هنا ليس لرب الأرض أن يأخذ من المتكاري كراء حتى يتم بطن فيأخذ منه من الكراء بحال ما وصفت لك وهذا في غير العيون المأمونة لأنه لو نقده الكراء ثم قحطت أرضه من الماء اتبعه بما دفع إليه ولعله لا يجد عنده شيئا وكذلك الإبل والدور وإنما منع من النقد رب الإبل والدور ما لم يسكن المتكاري أو يركب لأنه لم يقبض ذلك كله وإنما يكون قابضا لما سكن أو سار لأنه لو نقده ثم مات البعير أو انهدمت الدار صار يطلبه به دين. قلت أرأيت إن أكريته أرضي هذه وهي غرقة على أنه إن نضب الماء عنها فهي له بما سمينا من الكراء وإن ثبت الماء فلا كراء بيننا قال هذا جائز إن لم ينقد الكراء فإن نقد الكراء لم يصلح لأن هذا غير مأمون لأنها بحال ما وصفت لك غرقة يخاف عليها أن لا ينكشف الماء عنها إلا أن تكون أرضا لا يشك في انكشاف الماء عنها فلا بأس به. وقال غيره إذا خيف أن لا ينكشف الماء عنها لم يجز أيضا بغير نقد لما أعلمتك مما يمنع به الرجل ملكه. قلت أرأيت إن اكتريت أرضا أو دارا كراء فاسدا فلم أزرع الأرض ولم أسكن الدار حتى مضت السنة إلا أني قد قبضت ذلك من صاحبه أيكون علي الكراء لصاحبه أم لا؟ في قول مالك قال يلزمك كراء مثل الدار وكراء مثل الأرض عند مالك لأنك حين قبضت ذلك فقد لزمك الكراء وإن لم تزرع وإن لم تسكن وكذلك الدابة إذا اكتريتها كراء فاسدا فاحتبستها. قلت فإن لم أقبض الأرض ولا الدار ولا الدابة من صاحبها لم يكن علي شيء؟ قال نعم لا شيء عليك. قلت أرأيت إن استأجر الرجل أرضا ليزرعها فلم يجد البذر أيكون هذا عذرا له في قول مالك أم لا؟ قال لا يعذر عند مالك بهذا والكراء عند مالك في هذا وغيره لازم وإنما هو عند مالك بيع من البيوع لا ينتقض بما ذكرت ولا بغيره ولا بموت أحدهما ولا بموتهما جميعا ولا ينقض الكراء بشيء من الأشياء. قلت وكذلك لو أخذه السلطان فحبسه في السجن عن زراعتها أيكون عليه الكراء في قول مالك؟ قال نعم في رأيي ولكن ليكرها إن لم يقدر على أن يزرعها هو. قلت أرأيت إن اكتريت أرضا إجارة فاسدا ما علي قال عليك كراء مثلها عند مالك. قلت وإن كان كراء مثلها أكثر أو أقل مما استأجرتها به؟ قال نعم هذا قول مالك. قلت أرأيت إن استأجرت أرضا بشيء من الطعام مما لا تنبته الأرض مثل السمن والعسل والجبن واللبن أيجوز هذا في قول مالك قال قال مالك لا يجوز ذلك. قلت لم كرهه مالك وليس في هذا محاقلة قال إذا خيف هذا في الكراء أن يكون القمح بالقمح خيف أن يكون أيضا القمح بالعسل والسمن إلى أجل فلا خير في ذلك قال وكذلك فيما بلغني فسره مالك. قلت أرأيت إن تكاريت الأرض بالملح أيجوز ذلك في قول مالك؟ قال لا يجوز ذلك عند مالك. قلت ولا بأس بالأشربة كلها عند مالك النبيذ وغيره من الأشربة. قال قال مالك لا يجوز بالعسل ولا بالسمن ولا بالتمر ولا بالملح ولا بالصير فالأنبذة عندي بهذه المنزلة. قلت أرأيت إن تكاريت أرضا بزيت الجلجلان أيجوز هذا في قول مالك؟ قال لا يجوز هذا عند مالك لأن هذا طعام. قلت أفيجوز بزيت زريعة الكتان قال قال لي مالك لا يجوز أن يتكارى الأرض بالكتان فرأيت بذلك بزيت زريعته أشد. قلت أفتكره أيضا أن تكرى الأرض بالقطن قال أكرهه لأن القطن عندي بمنزلة الكتان. قلت أفيكره أن يكري الأرض بالأصطبة قال إنما سألنا مالكا عنه مجملا ولم نسأله عن الأصطبة فالأصطبة وغير الأصطبة سواء. قلت لم كره مالك أن تكرى الأرض بالكتان هذا الطعام كله قد علمنا لم كرهه مالك لأنه يدخله الطعام بالطعام عنده فالكتان لم كرهه مالك والكتان لا بأس أن يشتريه الرجل بالطعام إلى أجل قال قال لي مالك أكره أن تكرى الأرض بشيء مما يخرج منها وإن كان لا يؤكل قال ابن القاسم فوجه كراهية مالك ذلك أنه يخاف عليه أن يستأجرها بشيء مما تنبت الأرض فيزرع ذلك فيها فتكون فيه المحاقلة يستأجرها بكتان فيزرع فيها كتانا. قلت أرأيت إن اكترى الأرض بالتبن أو بالقضب أو بالقرط وما أشبهه من العلوفة أيجوز هذا في قول مالك قال قال مالك في الكتان إنه لا يجوز فالقرط والقضب والتبن عندي بهذه المنزلة. قلت وكذلك إن أكراها باللبن والجبن؟ قال نعم لا يجوز ذلك عند مالك. قلت أرأيت إن أكراها بالشاة التي هي للحم أو بالسمك أو بطير الماء الذي هو للسكين أيجوز هذا في قول مالك؟ قال لا يعجبني هذا ولا يجوز هذا لأن مالكا؟ قال لا تكرى أرض بشيء من الطعام وأرى هذا من الطعام عندي. قال وقال مالك ولا تكرى الأرض بشيء من الطعام وإنما كان مما لا يخرج منها لأن هذا عندي من الطعام الذي لا يخرج منها. قلت أرأيت الفلفل أهو عندك من الطعام فلا يجوز أن تكرى به الأرض قال قال لي مالك في الفلفل إنه لا يجوز اثنان بواحد لأنه طعام ولا يباع حتى يستوفي لأنه طعام ويجوز أن تكرى به الأرض. قلت فإن أكراها بلبن في ضروع الغنم أيجوز قال قال مالك لا تكرى الأرض بشيء من الطعام فلا يجوز هذا سحنون عن بن وهب عن مالك بن أنس عن بن شهاب عن سعيد بن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن المزابنة والمحاقلة والمزابنة اشتراء التمر في رؤس النخل بالتمر والمحاقلة اشتراء الزرع بالحنطة واستكراء الأرض بالحنطة. قال مالك عن بن شهاب وسألت عن كرائها بالذهب والورق فقال لا بأس به. بن وهب قال وأخبرني أبو خزيمة عبد الله بن طريف عن عبد الكريم بن الحارث عن بن شهاب أن رافع بن خديج أتى قومه بني حارثة فقال قد دخلت عليكم اليوم مصيبة قالوا وما ذاك فقال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كراء الأرض قال ابن شهاب وسئل رافع بن خديج بعد ذلك كيف كانوا يكرون الأرض فقال بشيء من الطعام مسمى ويشترطون أن لنا ما نبت بماذيانات الأرض وإقبال الجداول بن وهب عم مسلمة بن علي. أنه سمع الأوزاعي يقول سمعت مولى لرافع بن خديج يقول سمعت رافع بن خديج يقول نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أمر كان بنا رافقا فقال قال لنا ما تصنعون بمحاقلكم قلنا نؤاجرها عن الربع والأوسق من التمر والشعير فنهى عن ذلك بن وهب. وأخبرني جرير بن حازم عن يعلى بن حكيم عن سليمان بن يسار عن رافع بن خديج بنحو هذا. وقال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كانت له أرض فليزرعها أو ليزرعها أخاه ولا يكرها بالثلث ولا بالربع ولا بطعام مسمى بن وهب عن هشام بن سعد أن أبا الزبير حدثه قال سمعت جابرا يقول كنا في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم نأخذ الأرض بالثلث والربع وبالماذيانات فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك بن وهب عن الليث عن ربيعة وإسحاق بن عبد الله عن حنظلة بن قيس أنه سأل رافع بن خديج عن كراء الأرض فقال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كراء الأرض ببعض ما يخرج منها فسألته عن كرائها بالذهب والورق فقال لا بأس بكرائها بالذهب والورق. قلت أرأيت الأرض أيجوز أن أتكاراها بجميع الطيب قال أما بالزعفران فلا يجوز لأنه مما تنبت الأرض فما كان من الطيب مما يشبه الزعفران فلا يجوز ولا يجوز بالعصفر. قلت والعود والصندل وما أشبههما أيجوز وهو مما تنبت الأرض أن أتكارى به الأرض؟ قال لا أرى بأسا بالعود والصندل وما أشبههما. قلت فكذلك إن اكتريت الأرض بالحطب وبالجذوع وبالخشب؟ قال لا أرى به بأسا قلت أتحفظ هذا الذي سألتك عنه من الطيب والخشب عن مالك قال أما الخشب فهو قول مالك أنه لا بأس به وأما ما سوى هذا فلم أسمعه من مالك ولكن قد قال مالك ما قد أخبرتك أنه لا تكرى الأرض بشيء مما تنبت الأرض وإن كان لا يؤكل بن وهب عن مالك بن أنس والليث وعبد الله بن طريف أبي خزيمة أن ربيعة بن أبي عبد الرحمن حدثهم عن حنظلة بن قيس الدرقي أنه سأل رافع بن خديج عن كراء المزارع بالذهب والورق فقال لا بأس بكرائها بالذهب والورق. بن وهب عن عبد الله بن عمر عن نافع أن بن عمر كان يكري أرضه بالدنانير والدراهم بن وهب عن. رجال من أهل العلم عن بن المسيب وسالم بن عبد الله والقاسم بن محمد وعروة بن الزبير وعبيد الله بن عبد الله بن عمر وسائر ولده وعمر بن عبد العزيز وبن شهاب وربيعة أنهم كانوا لا يرون بكراء الأرض البيضاء بالدنانير والدراهم بأسا بن وهب عن بن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة بن الزبير أن الزبير بن العوام كان يكري بياض أرضه بن وهب عن مالك بن أنس. قال بلغني أن عبد الرحمن بن عوف تكارى أرضا فلم تزل في يديه حتى مات. قال ابنه فما كنت أرى إلا أنها لنا من طول ما مكثت في يديه حتى ذكرها لنا عند موته بن وهب عن أنس بن عياض وبن أبي الزناد عن هشام بن عروة أن عروة كان يكري أرضا له أربع سنين بثمانين دينارا إلا أن بن أبي الزناد قال بذهب بن وهب. وأخبرني عثمان بن عطاء الخرساني عن أبيه عن محمد بن كعب القرظي أن عبد الرحمن بن عوف أعطى سعد بن أبي وقاص أرضا له زارعه إياها على النصف فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أتحب أن تأكل الربا ونهاه عنه بن وهب عن بن لهيعة عن خالد بن يزيد عن عطاء أنه قال في الرجل يعطي صاحبه الأرض البيضاء على الربع أو النصف فقال لا تصلح لابن وهب هذه الآثار كله. قلت أرأيت إن تكاريت منك أرضا بشجر لي على أن لك الشجر بأصولها أيجوز ذلك في قول مالك؟ قال لا بأس بهذا عندي إذا لم يكن في الشجر يوم تكارى الأرض ثمرة فإن كان فيها ثمرة لم يجز لأن مالكا كره شراء الشجر وفيها ثمر بالطعام وإن كان نقدا أو إلى أجل. قال ولأن مالكا كره استكراء الأرض بشيء من الطعام. قال ابن القاسم ولو اشترى أصل الأرض التي تكاراها بتلك الشجر وفيها ثمر لم يكن به بأس كذلك قال لي مالك لأنه لو ابتاع أرضا بحنطة لم يكن بذلك بأس إذا تعجل الحنطة. قال وإن أخر الحنطة إلى أجل فلا بأس به أيضا ولا بأس أن يشتري الرجل من الرجل نخلا بثمر إلى أجل يستأخر فيه الأجل حتى يثمر فيه النخل وهو مثل اشتراء الشاة التي لا لبن فيها باللبن إلى أجل لأن اللبن يكون فيها بعد ذلك ولو أن رجلا باع كتانا بثوب كتان إلى أجل يمكن أن يكون من الكتان ثوب لما كان فيه خير. قال مالك وهو من المزابنة ولو باع ثوب كتان بكتان إلى أجل لم يكن به بأس لأن الثوب كتان لا يكون منه كتان والكتان يكون منه ثوب ولو باع كتانا بثوب إلى أجل لا يمكن أن يكون من ذلك الكتان ثوب إلى ذلك الأجل لقربه فلا بأس به ومن ذلك الشعير بالقصيل إلى أجل فلا خير فيه لأنه يخرج القصيل من الشعير إلا أن يكون إلى الأجل الذي لا يبلغ إليه القصيل فلا بأس به. قال والقصيل بالشعير إلى أجل لا بأس به بعد الأجل أو قرب. قلت أرأيت إن تكاريت أرضا بأرض أخرى أعطيته أرضي وأعطاني أرضه؟ قال لا بأس بذلك. قلت تحفظه عن مالك؟ قال لا أقوم على حفظه الساعة ولا أرى به بأسا وقد سألت مالكا عن الرجل يكري داره بدار فقال لا بأس بذلك. قلت وكذلك إن أكراني أرضه لا أزرعها العام بأرض لي يزرعها هو العام؟ قال لا أرى بذلك بأسا ولم أسمعه من مالك ولكنه رأيي. قلت أرأيت إن استأجرت أرضك هذه أزرعها العام بنفسي بزراعتك أرضي هذه الأخرى بنفسك قابلا أيجوز ذلك في قول مالك أم لا؟ قال ذلك جائز إذا كانت الأرضون مأمونة لأن النقد لا يصلح إلا في الأرضين المأمونة ولأن قبض الأرض نقدا بمنزلة الذهب وكذلك الذي يبيع السلعة الغائبة بسلعة حاضرة ولا يجوز أن ينقد الحاضرة وإن كانت عرضا بمنزلة الذهب والورق وكذلك يقول غير واحد من العلماء. قلت أرأيت إن تكاريت أرضك هذه السنة أزرعها بألف درهم أدفعها إليك لي عشر سنين على أن أقبض الأرض منك قابلا فأزرعها قابلا أيجوز هذا في قول مالك؟ قال نعم. قال سحنون وقد بينا هذا ومثله في الكراء قال وقال مالك وكذلك العروض والحيوان وغيرهما والثمار تكون ببلد فيشتريها من صاحبها على أن يأخذها بذلك البلد والثمن إلى أجل معلوم أبعد من ذلك. قال قال مالك فلا بأس بذلك وليس هذا من وجه الدين بالدين. قلت أرأيت إن أكريت أرضا بدراهم إلى أجل فلما حل الأجل أخذت منه مكان الدراهم دنانير يدا بيد؟ قال لا بأس بذلك عند مالك. قلت أرأيت إن اكتريت أرضا بدراهم أو بدنانير إلى أجل فلما حل الأجل أخذت مكانها طعاما أو إداما أيجوز ذلك في قول مالك؟ قال لا يجوز ذلك عند مالك وكل شيء كان لا يجوز لك أن تكري به أرضك فلا يجوز لك أن تصرف فيه كراء أرضك وما كان يجوز لك أن تكري به أرضك فلا بأس أن تصرف فيه كراء أرضك. قلت أرأيت إن آجرت أرضا بدراهم على أن آخذ بها دنانير إلى أجل بكل عشرين درهما دينارا أيجوز هذا الكراء في قول مالك؟ قال نعم هذا جائز عند مالك إذا سمى عدة الدراهم والدنانير فوقعت الصفقة بها. قلت فإن وقعت الصفقة بالدراهم ثم اشترط الدنانير بعد وقوع الصفقة قال الكراء جائز بالدراهم واشتراطه الدنانير بالدراهم باطل إلا أن يأخذ بالدراهم دنانير يدا بيد إذا حل الأجل. قلت فلو كانت الدراهم التي وقع الكراء بها إلى أجل فأخذ بها دنانير معجلة وإنما وقعت صفقة الكراء بالدراهم أيجوز هذا؟ قال لا يجوز هذا. قلت وهذا كله قول مالك؟ قال نعم قلت أرأيت إن وقعت صفقة بدراهم إلى أجل على أن يعجل له بكل عشرين درهما دينارا أيجوز هذا في قول مالك؟ قال نعم. قلت وكل صفقة وقعت في قول مالك فكان في لفظهما ما يفسد الصفقة وفعلهما حلال فإنك تجيز الصفقة ولا يلتفت إلى لفظهما؟ قال نعم كذلك قال لي مالك. قلت أرأيت إن اكريت أرضا بدراهم وخمر صفقة واحدة أتجوز حصة الدراهم أم لا؟ قال إذا بطل بعض الصفقة ها هنا بطلت كلها. قلت وهذا قول مالك قال هو قوله. قلت وكل صفقة وقعت بحلال وحرام بطلت الصفقة كلها في قول مالك قال أما في مسئلتك التي سألت عنها فإن الصفقة كلها تبطل عند مالك وأما لو أن رجلا باع عبدا بمائة دينار على أن يقرضه المشتري مائة دينار أخرى فإن هذه الصفقة تبطل جميعها إلا أن يرضى بائع العبد أن يدع السلف ولا يأخذه فإن أبطل سلفه ورضي أن يأخذ المائة في ثمن عبده ويترك القرض الذي اشترط جاز البيع. قلت فإن قال الذي أكرى أرضه بخمر ودراهم أنا أترك الخمر وآخذ الدراهم؟ قال لا يجوز هذا. قال سحنون ألا ترى أنه لو اكترى الأرض بخمر أن ذلك لا يجوز فكذلك إذا اكترى بخمر ودراهم صارت الخمر مشاعة في جميع الصفقة. قلت أرأيت إن آجرت الأرض بصوف على ظهور الغنم أيجوز هذا في قول مالك قال هو جائز عند مالك إذا كان يأخذ في جزازها. قلت فإن كان اشترط أن يأخذ في جزازها إلى خمسة أيام أو عشرة قال هذا جائز لأن هذا قريب. قلت وهذا قول مالك قال قال لي مالك شراء الصوف على ظهور الغنم إلى خمسة أيام أو إلى عشرة أجل قريب فلا أرى به بأسا. قلت أرأيت إن أكريت أرضي هذه بدراهم إلى أجل فلما حل الأجل أخذت منك ثيابا بعينها أقبضها إلى ثلاثة أيام أيجوز هذا في قول مالك؟ قال لا يجوز هذا عند مالك إلا أن يقبض الثياب قبل أن يفترقا لأن هذا من وجه الدين بالدين. قلت فلم وإنما هذا شيء بعينه وإنما الدين بالدين ما كان في ذمة الرجل قال هو وإن لم يكن في ذمته فهو يحمل محمل الدين بالدين. قال سحنون وكان البائع وضع له من ثمن الثياب على أن يؤخره بما حل عليه من الدين فصار كأنه سلف جر منفعة فصار ما أخر عنه يأخذ به سلعة بعينها إلى أجل. قلت أرأيت إن أكريته أرضي بثياب موصوفة ولم أضرب للثياب أجلا أيجوز ذلك أم لا؟ في قول مالك قال الكراء عند مالك بيع من البيوع فلا يجوز هذا الذي ذكرت حتى يضرب للثياب أجلا لأن الثياب إذا اشتراها الرجل موصوفة ليست بأعيانها لم يصلح إلا أن يضرب لها أجلا عند مالك. قلت أرأيت كل بيع أو كراء كان فيه المشتري بالخيار أو البائع أو كان الخيار بينهما جميعا ولم يضربا للخيار أجلا أتكون هذه صفقة فاسدة قال لم أسمع من مالك فيه شيئا وأرى البيع جائزا والكراء جائزا ولكن يرفع هذا إلى السلطان فيوقف الذي كان له الخيار فإما أن يأخذ وإما أن يترك إذا كان قد مضى للبيع مدة ما يختبر السلعة التي اشتراها إليه وإن كان لم يختبر ضرب له السلطان أجلا بقدر ما يرى. قلت أرأيت إن اكتريت أرضا أو اشتريت سلعة على أني بالخيار والبائع أيضا معي بالخيار نحن جميعا بالخيار أيجوز هذا الشراء أو الكراء في قول مالك؟ قال نعم. قلت فإن قال أحدهما أنا أجيز وقال الآخر أنا أرد قال القول قول من رد قال وهذا قول مالك. قلت أرأيت إن استأجرت من رجل أرضه هذه السنة فإن زرعتها حنطة فكراؤها مائة درهم وإن زرعتها شعيرا فكراؤها خمسون درهما؟ قال لا خير في هذه الإجارة لأن الإجارة وقعت بما لا يعلم ما هي واحد منهما لا المتكاري ولا رب الأرض. قال سحنون وهذا من وجه بيعتين في بيعة. قلت أرأيت إن استأجرت دارك هذه السنة بعشر أرادب من حنطة أو بعشرين إردبا من شعير على أن تأخذ أيهما شئت أو على أن أعطيك أيهما شئت أنا إن شئت الحنطة وإن شئت الشعير؟ قال لا يجوز هذا قلت وإن كانت الحنطة أو الشعير حاضرة بعينها أو لم تكن بعينها فذلك سواء ولا يجوز؟ قال نعم ذلك سواء ولا يجوز. قلت أرأيت إن استأجرت أرضا بهذا الثوب أو بهذه الشاة بخيار أحدهما أيجوز هذا في قول مالك؟ قال لا يجوز هذا عند مالك من وجهين من وجه انه غرر ومن وجه أنه بيعتان في بيعة. قال ولقد سألت مالكا عن الشاة يشتريها الرجل بهذه السلعة أو بهذه الأخرى يختار أيتهما شاء والسلعتان مما يجوز أن تسلف واحدة منهما في الأخرى قال مالك لا يجوز هذا إذا كان ذلك يلزم المشتري أن يأخذ بأحد الثمنين أو يلزم البائع أن يبيع بأحد الثمنين فأما إن كان إن شاء البائع باع وإن شاء ترك وإن شاء المشتري أخذ وإن شاء ترك فلا بأس بذلك. قلت أرأيت إن أكريت أرضا لي من رجل يزرعها قصيلا أو قضبا أو بقلا أو قمحا أو شعيرا أو بقلا أو قطنية فما أخرج الله منها من شيء فذلك بيني وبينه نصفين أيجوز هذا أم لا؟ قال قال مالك إن ذلك لا يجوز. قلت فإن قال فما أخرج الله منها من شيء فهو بيني وبينك نصفين وعلى أن الأرض بيني وبينك نصفين أيجوز أم لا؟ قال قال مالك ذلك غير جائز. قلت فإن قال له اغرسها نخلا أو شجرا فإذا بلغت النخل كذا وكذا سعفه أو الشجر إذا بلغت كذا وكذا فالأرض والشجر بيني وبينك نصفين قال قال مالك ذلك جائز. قلت فإن قال الشجر بيني وبينك نصفين ولم يقل الأرض بيني وبينك نصفين أيجوز هذا في قول مالك أم لا؟ قال إن كان اشترط أن له موضعها من الأرض فذلك جائز وإن كان لم يشترط أن له موضع أصلها من الأرض وشرط له ترك النخل في أرضه حتى يبلى فلا أرى ذلك جائزا ولم أسمعه من مالك. قلت أرأيت إن دفعت إلى رجل أرضا لي يزرعها لي بحنطة من عنده على أن له هذه الطائفة الأخرى من أرضي يزرعها أيجوز هذا في قول مالك قال قال مالك لا خير في هذا لأن هذا أكرى أرضه بما تنبت الأرض فلا خير في ذلك. قلت فإن قال له اغرس لي أرضي هذه نخلا أو شجرا بهذه الطائفة الأخرى من أرضي أيجوز هذا في قول مالك قال هذا جائز عند مالك. قلت لم أجاز مالك هذا والنخل والشجر مما تنبت الأرض قال ليس هذا طعاما وإنما كره مالك أن تكرى الأرض بشيء مما تنبت الأرض من الطعام أو بشيء مما تنبت من غير الطعام أو بشيء مما لا تنبته من الطعام والأصول عندي بمنزلة الخشب ولا أرى به بأسا أن يكري بها. قلت أرأيت إن دفعت إلى رجل أرضي يزرعها بحب من عندي على أن له طائفة أخرى من أرضي ليس مما يزرع لي قال قال مالك هذا جائز. قلت أرأيت إن استأجرت ثلث أرض أو ربعها أيجوز هذا؟ قال نعم. قلت أسمعته من مالك؟ قال لا. ولكن الكراء بيع من البيوع فلا بأس أن يكري ربعها أو خمسها. قال ولقد بلغني عن مالك ولم أسمعه منه أنه قال في رجل أكرى ربع داره أو خمس داره أنه لا بأس بذلك. قلت أيجوز لي أن أستأجر الأرض بالأذرع قال إن كانت الأرض مستوية فلا بأس بذلك فإن قال له أكريك مائة ذراع من أرضي من موضع كذا وكذا فلا بأس بذلك وإن كانت الأرض مختلفة ولم يسم له موضعا معلوما فلا خير في ذلك. قلت وهذا قول مالك قال هذا رأيي. وقال غيره وإن كانت الأرض مستوية فلا يجوز حتى يسمي له الموضع. قلت أرأيت إن استأجرت أرضا بيضاء للزرع وفيها نبذ من نخل أو شجر لمن تكون ثمرة تلك الشجر ألرب الأرض أم للمستأجر في قول مالك قال الثمر لرب الشجر إلا أن يكون الشجر الثلث فأدنى فيشترطه المتكاري فيكون ذلك له فإن كان أكثر من الثلث فاشترطه لم يجز ذلك وكان الكراء فاسدا. قلت فإن كانت الثمرة أكثر من الثلث فاشترطها وزرع على هذا قال الثمرة عند مالك لصاحبها ويقوم على المتكاري كراء الأرض بغير ثمرة ويعطي المتكاري أجر ما سقى به الثمرة إن كان له عمل أو سقي. قلت أليس إنما عليه قيمة كراء الأرض التي تزرع؟ قال نعم. قلت أرأيت إن اكتريت أرضا وفيها زرع لم يبد صلاحه أو بقل لم يبد صلاحه وذلك شيء قليل فاشترطته لنفسي حين اكتريت الأرض أيجوز هذا في قول مالك قال إن كان الشيء التافه اليسير جاز ذلك ولست أبلغ به الثلث لأن مالكا قال لي في الرجل يتكارى الأرض أو الدار وفيها النخلات أو السدرة أو الدالية وفيها ثمر لم يبد صلاحه ويشترطه لنفسه أو لا ثمر فيها فاشترط ما يخرج من ثمرها لنفسه قال قال مالك إذا كان الشيء اليسير لم أر به بأسا. قال وقال مالك لا يجوز في هذه المسألة أن يشترط صاحب الأرض ولا صاحب الكراء نصف ما في شجره أو نصف ما يخرج منها كما يجوز لمساقي النخل أن يشترط نصف ما يزرع في البياض إذا كان البياض تبعا ولا يجوز في هذا أن يشترط نصف الثمر أو نصف ما يخرج منها. قال مالك لأن ذلك عندي من بيع الثمر قبل أن يبدو صلاحه. قلت أرأيت إن أكريتك أرضي هذه السنة بعشرين دينارا واشترطت عليك أن لا تزرعها حتى تكربها ثلاث مرات فتزرعها في الكراب الرابع وفي هذا منفعة لرب الأرض لأن أرضه تصلح على هذا؟ قال نعم هذا جائز. قلت أرأيت إن أكريته أرضي وشرطت عليه أن يزبلها قال إذا كان الذي يزبلها به شيئا معروفا فلا بأس بذلك لأن مالكا؟ قال لا بأس بالكراء والبيع أن يجمعا في صفقة واحدة. قلت أرأيت إن استأجرت منك أرضا بكذا وكذا على أن على رب الأرض حرثها أيجوز هذا في قول مالك؟ قال نعم يجوز.
|